Lebanon - لبنان

الفوضى والجيش و”حزب الله”

لم تنتهِ الاحتجاجات العنفية في لبنان، أكانت مفتعلة أم عفوية، فهي عائدة وبشكل اوسع وفي مختلف المناطق اللبنانية في بيروت وصيدا والضاحية وجل الديب وطرابلس وغيرها من المناطق. الخطر الحقيقي سيكون بإصطدام الناس ببعضها، أو عدم تمكّن القوى الأمنية من ضبط الوضع. لا احد يريد الفوضى، لكنها فوضى لا ترتبط عادة بإرادة أحد.

السيناريو المتخيل لدى بعض المطلعين يقول بأن مناطق ستغلق وستفصل عن بعضها البعض لأسابيع، وان صدامات بين الجيش والمتظاهرين ستصبح حدثاً عادياً يومياً، وان العنف، ثورياً كان ام سياسياً، سيكون جزءاً من المشهد المتوقع. حرق مصارف، اقتحام ادارات عامة. اشتباكات على بعض المحاور وغيرها من التطورات البالغة الخطورة التي قد تضع البلد في مهب الريح.

الفوضى ستترافق مع الجوع. الجوع الناتج عن خسارة مئات الآف العائلات لأعمال من يعيلهم، ونتيجة انخفاض القدرة الشرائية لكثير ممن يزالون يعملون، لأن الدولة لن تكون قادرة بعد عدة اشهر، وفي حال عدم الحصول على أي قرض أو مساعدة، على شراء جزء من المواد الغذائية. المشهد مليء بالسوداوية. ولا حلول فعلية تلوح في الأفق. في ملف مكافحة الفساد لا تزال التوازنات اللبنانية والدولية تحكم عمل الحكومة، حتى أن رئيسها حسان دياب ومن يدعمه، أي “حزب الله” ليسا في وارد الذهاب الى الانقلاب الثوري على المنظومة.

حتى أن تسويات المنطقة التي قد تأتي بحلّ، لا تزال غائبة وبعيدة، والبدائل الداخلية لا تعجب الأميركيين، أي حتى لو ُسلّم البلد لصقور ١٤ آذار لن يكون هذا مدخلاً للحل. فواشنطن، اضافة الى مشروع ضغطها الاساسي على “حزب الله” لا ترغب بالاستثمار بالفاسدين مجدداً، مشروعها هو الجيش.

من يلتقي بالاميركيين يجد أنهم يميلون الى تسليم البلد الى الجيش في حال حصول فوضى. فهم يعتبرون أن الفوضى الكاملة والطويلة مفيدة لـ”حزب الله” وأن ارباحه قد تعادل وتفوق خسائره المفترضة، لذلك يجب استغلال الفوضى في لحظاتها الأولى لتحقيق انجاز ومكاسب سياسية، اذا أن اللحظات الاولى قد تربك الحزب. من هنا يطرح الجيش والحكومة العسكرية، مع حفظ التوازنات الطائفية، ليحكم البلد ويعيد تشكيل السلطة.

تقول مصادر مطلعة إن الجيش يستطيع القيام بهذه الخطوة بشرط واحد، هو موافقة “حزب الله”، وهذه الموافقة تفرغ الهدف الاميركي من مضمونه، وتعيد “حزب الله” الى صلب التوازنات حتى في ظل حكم الجيش.

لا تزال مسألة النقاش في الحكومة العسكرية بعيدة نسبياً لذا لم تدخل بعد في اطار النقاش العملي، وان الافكار التي تطرح مرتبطة بسيناريوهات مستقبلية غير معلوم حصولها. لكن اسئلة جدية تطرح حول علاقة الجيش بـ”حزب الله” في المرحلة الحالية؟ ومدى قدرة المؤسسة العسكرية على منع حصول تدخلات سياسية لدى الضباط الرفيعي المستوى في حال الوصول الى هذه اللحظة؟

في الأصل قد لا يعارض “حزب الله” مثل هذا السيناريو، تقول المصادر، لكن المشكلة في التفاصيل، ماذا عن المطار والمرفأ؟ فإذا كان الحزب فعلاً ينقل جزءا من اسلحته من تلك المرافق، فهل يقبل بأن تكون سلطتها المطلقة بيد الجيش؟ وماذا عن بعض المناطق الحساسة والحدود الشرقية؟ وغيرها من الامور…

علي منتش – lebanon24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى