مقالات - Articles

ثورة من الجامع

*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا

1. اليوم الخامس عشر من شهر مارس كل عام، هو يوم الثورة السورية، ثورة الشعب السوري المجيد على الحكم الطائفي العنصري البغيض، انطلقت قبل عشر سنوات بعبارة كتبها تلميذ على جدار (الشعب يريد اسقاط النظام)، أعقبها اعتقال عدد من التلاميذ نكلت بهم مخابرات الدولة أبشع تنكيل، وحين اعتصم أولياؤهم في المسجد العمري الجامع بدرعا استنكارا للجريمة، هاجمتهم قوات السلطة بالرصاص والقنابل فعمت لذلك الاعتصامات في المساجد كل أنحاء البلاد.

2. التعبير عن الرأي حق قررته لائحة حقوق الإنسان، والتظاهر السلمي أسلوب كفلته الشرائع الدولية. وفي كثير من الدول المعاصرة ساحات وحدائق للتعبير عن الرأي. لكن حكامنا المستبدين يحرمون التعبير عن الرأي، ويقمعون المظاهرات السلمية، وحين يلجأ الناس إلى الاعتصام في المساجد، تحاصرهم قوات السلطة وتطلق عليهم الرصاص والقنابل، فتهدم المساجد فوقهم فتقتل وتعتقل وتلقي بالأحياء في السجون والمعتقلات.

3. هذا ما حصل في مدينة حماة سنة 1964 يوم هاجمت الدبابات المعتصمين في جامع السلطان، فهدمت المسجد وقتلت عدداً من المعتصمين واعتقلت آخرين، وهذا ما حصل في الجامع الأموي بدمشق حين اقتحمت الدبابات ساحة الجامع وأطلقت القنابل على المعتصمين فقتلت أعداداً منهم واعتقلت آخرين. وفي عام 1982 قذفت مدينة حماة بقنابل الطائرات وراجمات الصواريخ، فهدمت أحياء على رؤوس ساكنيها، كان ذلك بسبب اعتصام للمصلين في جامع الكيلاني لم تكن مواجهته بحاجة إلى هذه المجزرة.

4. في تقرير لمنظمة Human Right Watch ان ضحايا الثورة السورية بلغت اكثر من 400،000 قتيل، وفي احصائية للمعتقلين بلغ العدد 129,973 حالة، وفي تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بلغ عدد النازحين داخل سورية 6,6 مليون نازح، وعدد اللاجئين خارج البلاد 5،6 مليون لاجئ، والأعداد في تزايد. كل ذلك فيما أمكن احصاؤه والله تعالى أعلم بما وراء ذلك.

5. أدونيس هو اسم الشهرة الذي اختاره لنفسه المدعو على أحمد سعيد، ولد في قرية قصابين بريف مدينة جبلة السورية في أسرة علوية، عمل مدرساً في جامعة القديس يوسف في بيروت، وحصل على الجنسية اللبنانية، ثم سافر إلى فرنسا وأقام فيها. وأدونيس هو إله المطر والخصب عند قدماء اليونان. وعلي هذا المتأله، قال في شأن الثورة السورية: أنه لا يثق بثورة تخرج من الجامع. ولنا أن نسأله: من أين يريد أن تخرج الثورة السورية؟ من النوادي الليلية؟ من صالات القمار؟ أم من صالونات التجميل؟ كبرت كلمة قالها أدونيس وخطيئته أنه ليس من رواد المساجد.

6. الثورة حين تنشأ في المسجد بيت الله، تكون ثورة سلمية والله تعالى هو السلام، هي ثورة تحريرية هتافها لا إله إلا الله والله أكبر، وأسلوبها الاعتصام والتظاهر ليس غير. هكذا كانت ثورات الربيع العربي. في مصر كان ميدان التحرير في القاهرة ساحة لإقامة الصلوات، وفي فلسطين كان المسجد الأقصى في القدس منطلقاً للانتفاضات السلمية للشعب الفلسطيني. لقد أصبحت كلمة الجمعة أحد عناصر الشعارات الثورية: جمعة المقاومة، جمعة المعتقلين، جمعة صفقة القرن، وغيرها من الجمعات التي تعبر عن الثورة السلمية.

7. تحية للثورة السورية في عامها العاشر، وتذكرة لها بأن تستعرض مسيرتها وتقوم أعمالها، وتجدد عزيمتها بقيادة واعية تبرز المخلصين من رجالاتها وتبعد العناصر الدخيلة ذات الصلات الخارجية والمطامع الرخيصة. وثورة حتى النصر بإذن الله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى