دعوة - Dawaa

رجال آمنوا بالنبي محمد قبل البعثة

الرسالة المحمدية بدأت بعد نزول الوحي وإبلاغه بأن الله هو الواحد الأحد الخالق، وطالبه بضرورة نشرها في شتى بقاع الأرض، لكن هل هناك من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة؟.. نعم بالتأكيد..

والكشف عن وجود رجال آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة، يؤكد الرسالة ويزيدها إقناعًا، إذ أنه لا يمكن لبشر أن يقتنع برسالة لم تأت بعد، إلا إذا كان قد قرأ عنها، ووثق فيها، بل وانتظر حدوثها ووقوعها، وهو ما حدث مع أكثر من رجل، بل أن الله عز وجل قد أخذ منهم العهد أن يؤمنوا به ويتبعوه وينصروه، ومن ثم فإن كثيراً من هؤلاء قد آمنوا به وماتوا على ذلك قبل أن يُبعث صلى الله عليه وسلم.

عمرو بن نفيل

لاشك أن هؤلاء الرجال صدقوا، وعاهدوا الله على ألا يؤمنوا بسواه، حتى قبل البعثة.

ومن هؤلاء عمرو بن نفيل في مكة، وكان رجلاً أعرجًا، وكان ينتظر بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مما كان يسمعه من نصارى الشام عن قرب مبعثه، ولكنه مات قبل البعثة، ومنهم أيضًا ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر وقرأ التوراة والإنجيل، وكان يقرأ علاماته وأنه يخرج من مكة وأن قومه سيخرجونه منها وسوف يعود إليها فاتحاً بعشرة آلاف من القديسين – والمراد بهم الصحابة – الذين كانوا معه يوم الفتح، لذلك قال ورقة بن نوفل حين سمع من النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ما رأى: «هذا الناموس – أي جبريل، الذي أنزل على موسى، يا ليتني أكون جذعاً حياً حين يخرجك قومك، فقال صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً» ثم لم يلبث أن مات وشيكاً.

الراهب بحيري

أيضًا من هؤلاء الذين آمنوا بالرسالة قبل البعثة، كان الراهب بحيري الذي كان عنده علم النصرانية في بصرى، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء مع عمه وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فرأى بحيري الغلام وغمامة تظلله، فلما رأى ذلك صنع طعاماً ودعا إليه أبا طالب ومن معه وعزم عليهم وأن يحضروا جميعاً الصغير والكبير، فلما حضروا الطعام ولم يحضر محمد صلى الله عليه وسلم معهم قال لهم عزمت عليكم أن لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي.. فأحضروا الغلام، فلما رآه بحيري أخذ يلحظه ويطيل إليه النظر، ليرى أشياء كان يجدها عنده في صفته، فلما تبين له أنه هو، سأله باللات والعزى (التي كان يسمع القوم يحلفون بها) فقال الغلام: لا تسألني باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئاً قط بغضهما، فجعل بحيري يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيري، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على ما هو موصوف به عنده، فلما فرغ سأله عمه أبا طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني – ويسمى العم عندهم أباً – قال: ما هو ابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حياً، قال: فإنه ابن أخي، مات أبوه وأمه حبلى به، قال: صدقت. ثم قال ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوه ليبغنه شراً، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع وعاد به عمه إلى بلده.

ومن بين من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة، سلمان الفارسي، والذي كان أباه مجوسيًا، فظل يبحث عن الحقيقة، حتى تنصر، ثم ما أن لبث أن سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى آتاه وأسلم بين يديه، فسمي الباحث عن الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى