دعوة - Dawaa

أجمل تعبير في التاريخ عن عاطفة الأخوة.. النبي ينادي: ولكني أفقد أخي جليبيب

لم يُعرف نسبه كغيره من بعض الصحابة، ولكن ذكره ابن الجوزي في كتابه (صفة الصفوة) عن ابن سعد قال: “وسمعت من يذكر أنَّ جليبيبًا كان رجلًا من بني ثعلبة حليفًا في الأنصار”.

وقد كان جليبيب رضي الله عنه من أحلاف الأنصار وفقرائهم وكان رجلًا دميمًا في خلقته، وكان أصحاب النبيُّ إذا كان لأحدهم ابنة لم يزوِّجها حتى يعلم النبيُّ هل له فيها حاجةٌ أم لا؟

كان أغلب الصحابة لا يعرفون أسمه ..إن حضر لم يُعرف وإن غاب لم يُفتقد ومن يحفظ اسم رجلٍ كهذا ..!!.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:

إنه جُليْبِيب ، ثم نادى به : يا جُليْبِيب ألا تتزوج ..؟

فنظر جُليْبِيب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتفجع ، لم يتأوه ، لم يقل يا رسول الله ما عندي دنيا ما عندي مال ، إنما ما زاد على أن قال: يا رسول الله ومن يُزوِج جُليْبِيب في الدنيا ولا مال ولاجاه ..!!.

يعرف أن الناس ما زالوا يُحكمون بهذه المقاييس ، إنه ينتظر زواج الآخرة ، فتركه النبيّ-صلى الله عليه وسلم-..

وفي اليوم الثاني ؛ ناداه وهو يمرّ : يا جُليْبِيب ألا تتزوج ..؟*

فقال له جُليْبِيب -رضي الله عنه-: يا رسول الله ومن يزوج جُليْبِيب في الدنيا ولا مال ولاجاه ..!!

ثم في اليوم الثالث قال: يا جُليْبِيب ألا تتزوج ..؟

فالتفت مستغرباً من نداء النبي-صلى الله عليه وسلم-ثم قال :

قلت لك يا رسول الله من الذي يزوج جُليْبِيب ولا مال ولا جاه ..!!

قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا جُليْبِيب اذهب إلى بيت فلان الأنصاري ، وأخطب ابنته وقل أرسلني رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ويقول لكم : زوجوني إبنتكم ، وكانت الفتاة من أجمل نساء الأنصار ، فذهب جُليْبِيب وطرق الباب حيث أرسله النبي-صلى الله عليه وسلم- ثم قال: يُسلم عليكم النبي-صلى الله عليه وسلم -ويقول لكم زوجوني ابنتكم .

فقال الأب :يا جُليْبِيب لا مال ولاجاه .. كيف نزوجك ..؟!

وصاحت الأم لزوجها : أيُزَوَج جُليْبِيب وهو على هذه الحال ولامال ولاجاه ..!!؟؟ ، وإبنتنا في موقعها وموضعها التي هي فيه ، فكما قلنا إن هذه الفتاة كانت من أجمل نساء الأنصار .

*تسمع الفتاة المؤمنة فتاة العقيدة ، فتاة التوحيد ، فتاة القرآن والسنة ، فتاة قيام الليل ، ليست فتاة التلفاز فيما لا يفيد ، وليست فتاة قارعة الطريق والمتنزهات تسمع الفتاة المؤمنة هذا الحديث في سِترها ، فتصرخ بوالديها من الداخل ، كيف هذا ..!.

أتردّان رسولَ رسولِ الله ..!!

فوالله إني أجزت زواجي ، وإني قبلت به زوجًا .

قالوا : يا ابنتاه انظريه ، انظري شكله ، انظري هندامه ، انظري ثوبه ، فلا مال ولاجاه .

فردت الفتاة المؤمنة : والله لا أردّ خاطباً أرسله النبي-صلى الله عليه وسلم-:

وهذا هو سلوك المؤمنين المؤمنات مع أوامر الله وأوامر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقد قال الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا ..

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام حينما علم أنها قبلت به دعا لهما ، فقال: “اللهم صُبَّ عليهما الخير صبًا، ولا تجعل عيشهما كدًا كدًا”..*

قصة أخرى لزواج جليبيب

 

وللصحابي الجليل جُليْبِيب قصة مشهورة ولكن بعضنا لم يسمع بها لكنه وردت في قصص أخبار الصحابة ، قال أنس رضي الله عنه : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب في وجهه دمامة ، فعرض عليه رسول الله التزويج ، فقال : إذا تجدني كاسداً ..

فقال : غير أنك عند الله لست بكاسد

*فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص لتزويج جُليْبِيب .

 قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَسْتُ لِنَفْسِي أُرِيدُهَا». قال: لمن؟ قال: «لِجُلَيْبِيب». قال: يا رسول الله حتى أستأمر أمَّها.

 – فأتاها وقال: إنَّ رسول الله يخطب ابنتك.

– قالت: نعم ونعمة عين زوج رسول الله.

– قال: إنه ليس لنفسه يريدها. قالت: لمن؟

– قال: لجليبيب. قالت: لجليبيب! لا لعمر الله لا أزوج جليبيبًا.

– فلمَّا قام أبوها ليأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالت الفتاة من خدرها لأبويها: من خطبني إليكما؟

– قالا: رسول الله.

– فقالت: أفتردَّان على رسول الله أمره! ادفعوني إلى رسول الله فإنَّه لن يُضيِّعني.

فذهب أبوها إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال له: شأنك بها (أي أنَّه وافق على تزويج ابنته لجليبيب) فزوَّجها رسول الله جليبيبًا، ودعا لها بقوله: «الَّلَهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا». فكان الرزق يأتيها وهي لا تعلم من أين جاء.

 قال ثابت: فلم تمضِ مدَّةٌ يسيرة حتى نادى المنادي: حيِّ على الجهاد. فلبَّى جليبيبُ النداء وخرج للجهاد.

 وبعد انتهاء المعركة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَد؟» قالوا: نفقد فلانًا ونفقد فلانًا. فقال مرة أخرى: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَد؟» قالوا: لا؟ فقال: «لَكِنِّي أَفْقِدُ أَخِي جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ فِي الْقَتْلَى». فوجدوه إلى جنب سبعةٍ من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه.

 فأخذه النبيُّ على ذراعيه وقال: «هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» ثم حفروا له، وما له من سريرٍ إلَّا ساعِدَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في قبره ثم واراه بالتراب.

قال أنس رضي الله عنه : فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدتها- يقصد زوجة جليبيب- حتى تسابق إليها الرجال يخطبونها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى