مقالات - Articles

رمضان شهر الخير

*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا

1- رمضان تجلى وابتسما… طوبى للعبد إذا اغتنما …  أرضى مولاه بما التزما … طوبى للنفس بتقواها. بهذه الكلمات العذاب، كنا نستقبل شهر رمضان في بلاد الشام. وبكلمات مثلها يستقبل المسلمون رمضان في البلاد العربية والإسلامية. كلمات تفيض بمشاعر الحب والشوق لرمضان. فتزين المساجد وتضاء المآذن وتعلق اللوحات على أبواب المنازل وواجهات المحلات، تنطق بأصدق العبارات وتزدهي بأجمل الألوان والرسومات، وتعم الفرحة لدى الصغار والكبار بقدوم شهر الصيام.

2- فبالسنة الثانية لهجرة النبي ص إلى المدينة المنورة ، نزل قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام فالصوم هو الركن الرابع من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة والزكاة يليه الحج الركن الخامس، وللصوم خصوصية ليست لغيره، ففي الحديث القدسي قال الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به. صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم.
3- وللصوم في رمضان مقاصد مهمة، منها التقوى وهي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل، ومنها الشكر لله وهو الاعتراف بالنعمة والتحدث بها وبذلها في سبيل الله، ومنها اليسر وهو الاعتدال في العمل بالأحكام الشرعية من غير تشدد يحرم الحلال وﻻ تهاون يحلل الحرام .

 

4- رمضان شهر الصبر، والصبر صبران: صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله. وشهر الأجر يضاعف فيه الثواب على الأعمال الصالحة، وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر. وشهر النصر فقد نصر الله المسلمين على المشر كين في غزوة بدر في يوم17السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة، وعقب ذلك فتح مكة المكرمة اليوم 20 العشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة.  وعلى مدار الأحداث افتتح طارق بن زياد الأندلس إسبانيا في 28 رمضان سنة 92 للهجرة، وانتصر المعتصم العباسي على الروم في 6 رمضان سنة 92 للهجرة، كما انتصر قطز وبيبرس على المغول في عين جالوت في 1 رمضان سنة 92 للهجرة. وفي زماننا جرى تحرير سيناء من الاحتلال الصهيوني في 10 رمضان سنة 1493هجرية الموافق 5  حزيران 1967 ، واليوم تستمر حرب طوفان الأقصى في غزة خلال رمضان. وقد وعدنا نبينا محمد ص بنصر على اليهود المعتدين ولعله يكون في رمضان.

 

5- في اليوم 29 التاسع والعشرين من شعبان، يتهيأ المسلمون لرؤية الهلال، يصعدون على السطوح والشرفات والمرتفعات، يرقبون غياب الشمس وظهور الهلال، متشوقين لرؤيته فإذا ظهر الهلال وأعلنت الرؤية ارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل، وأطلقت المدافع وعمت الفرحة وتبادل الناس عبارات المودة والثناء والترحيب.

 

6- في الحديث الشريف عن سيدنا رسول الله ص قوله: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة الشهر ثلاثين يوماً. هكذا في شعبان ثم في رمضان. وكثيراً ما يحصل الخلاف في الرؤية فيصوم فريق من المسلمين في بلد ويفطر آخرون في بلد آخر، وقد حصل أن الناس في البلد الواحد بعضهم صام وأفطر آخرون. لذلك تقام اليوم المراصد لرؤية الهلال، وتجرى الحسابات الفلكية تفادياً للخطأ في رؤية العين، وكل ذلك مقبول واختلاف المطالع معتمد على أن لا يتجاوز الخلاف يوماً واحداً في جميع الأقطار، وأن لا يحصل الخلاف في القطر الواحد.

 

7- حرب طوفان الأقصى تستمر اليوم في رمضان، بلغت ضحاياها أكثر من 30 ثلاثين ألف قتيل وأكثر من 70 سبعين ألف مصاب وأكثر من مليوني نازح، وما زالت آلة الحرب فيها على ضراوتها، تمثل حرباً عنصرية على أهل غزة وفلسطين، وحرباً دينية على المساجد ودور العبادة، وحرباً همجية على المستشفيات والجامعات. وهي صورة من صور العدوان على المسلمين، ضحاياها أهل غزة تضاف إلى ضحايا الصين، حيث تقام معتقلات إعادة التأهيل للمسلمين الإيجور، بعدما تم القضاء على دولتهم تركستان، وضحايا الهند حيث تهدم المساجد وتقام على أنقاضها المعابد الهندوسية، في حملة مسعورة على الوجود الإسلامي التاريخي والمعاصر، حتى أقدمت السلطة على تغيير اسم البلاد إلى بهارات بدلاً من الهند. وفي فرنسا بعدما كانت الهجمة قاصرة على الصور المسيئة، تطورت إلى محاصرة المساجد وطرد الأئمة وإسقاط الجنسية عن المسلمين والمسلمات.

 

8- رمضان شهر الصحوة والتجديد وإعادة التأهيل، يتجدد كل عام لتجدد الأمة الإسلامية وجودها كما يجدد الإنسان حياته في ذكرى يوم ميلاده، فليت الذين يمضون أيامه في النوم ولياليه في السهر أن يذكروا هذه المقاصد، فيعقدوا العزم على التوبة فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى