مقالات - Articles

كورونا والخمسون عاما

*بقلم: محمد سامر صرصر 
لست ممن يؤمن بالخوارق والضبابيات فإن عصرها قد انتهى ، وإن رجالها قد أرموا .. فضلا عن كوننا لسنا أهلًا لها ، أنا أؤمن بالعلم واحترم العقل كعنصريين أساسيين يكونان معًا إكسير الحياة لكل أمة شرعت في بناء حضارة متقدمة علميًا ومعرفيًا وأخلاقيًا على حد سواء ، وإذا كان (( العليم )) تبارك وجل في علاه اختار فعل الأمر( إقرأ ) والعبارة اليقينية ( علم بالقلم ) ليفتتح بها تكليفه لخليفته في الأرض ، فما بالنا نبحث عن العصا التي كانت بيمين موسى لنشق بها البحر ، البحر الذي أغرق المساكين الفاريين من براميل الموت  ولم يغرق فرعونهم .. مابالنا نبحث عن سفينة نوح لنلتجئ ونحتمي من ( كورونا) دون السؤال عن كيفية بنائها أو كم من السنين أمضى نوح من عمره في بنائها

كيف لنا أن نكون خير أمة أخرجت للناس ، إذا لم يكن في هذه الأمة خير للناس ؟!

لماذا هذه المقدمة ؟ لأعبرعن ألم موقف أواجهه للمرة الأولى في حياتي ، التي – والله أعلم – لم يبقى منها بقدر ماذهب ، إنها المرة الأولى منذ خمسين عامًاومنذ أن وعيت صلاة الجمعة وصوت آذانها يصدح في كل مكان وما مسجد الزهراءفي مدينة دمشق منا ببعيد ، المرة الأولى التي يوصد فيها باب المسجد دوننا .. برغم كل ماسبق ومع الأخذ بكل أسباب التوكل فلابد من وقفة تأملية روحانية يقفها المرء مع ذاته .. أجهدت تفكيري وعصفت بذهني ، فلم أخرج إلا بنتيجة إيمانية واحدة : لا أجرئ على القول أن الله طردنا من رحمته وحاشى له ، لكني أقول أنه جل وعلا أغلق باب بيته مؤقتا ريثما تتعافى أجسادنا من الوباء و أخلاقنا من الرياء وعقولنا من الهراء ..

إن الكريم لا يستقبل في بيته ظالم ويشيح بوجهه عن المظلوم..

إن الكريم لا يسع في بيته قومًا رضو ان تنتهك حرماتهم وينكل بحرائرهم ثم يتبجحون بعد ذلك أنهم خيرأمة ؟!

عندما تحمد الحرة الله في سجنها على نعمة عقمها ،  صبيحة يوم أعقب ليله تناوب عشرين ذئبا بشريًا على إغتصابها في أرض المحشر !؟ فلا والله لسنا خير أمة أخرجت للناس !

عندما نتجاهل كل صيحات الحرية وكل عذابات المغيبين في زنازين الموت فلسنا خير أمة !؟

عندما نتمسك بثقافتنا وماضينا وما خطه أجدادنا على ما فيه من رهق ونحنط عقولنا في لاهوت الدولة الفاضلة ، متجاهلين بكل سفاقة ما أنجزه الآخر من تقدم معرفي حضاري في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان وفي مجالات الحياة كافة ، على أن هذا المنجز هو السم الممزوج بالعسل ، فلا والله لسنا خير أمة ..

اللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا وافتح باب بيتك لنا فلا نهلك وأنت رجاؤنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى