مقالات - Articles

أمتنا أمة الخير

*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا

أسأل الله أن ينعم علينا وعلى كندا بلدنا المحبوب، وعلى بلاد العالم بالخير والأمن والسلام، والعافية من هذا الوباء (كوفيد-19) ومن كل داء. وأدعو لجريدتنا الفرقان والعاملين فيها وقرائها بدوام التوفيق والنجاح. وقد قرأت في العدد 84 كلمة الأخ محمد سامر صرصر بعنوان: كورونا وخمسون عاما، فسرني بالغ السرور أن يستجيب أخ لدعوة كنت وجهتها إلى شبابنا، كي يشاركوا في الجريدة بمقالات مفيدة، فشكراً له على مشاركته.

  • وصف الأخ في مقاله مشكلة أمتنا المعاصرة بعد عصر مجيد، ورأى أنها لا تستأهل أن تكون الأمة الخيرة. فذكرني بقصيدة قديمة كنت نظمتها في هذا الموضوع لكني لم أقم بنشرها، كي لا نحمل أسلافنا ما اقترفناه بعدهم من حماقات.  قلت في القصيدة:

يا أمة لو أحصيت تبلغ خمس الناس                 تمتد في شرق وفي غرب بلا قياس

تضم في نسيجها مختلف الأجناس                   تغط في صمت وفي نوم وفي نعاس

هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!

تفشت البغضاء في النفوس والحسد                  وقل فينا من يسيغ النصح والرشد

ودأبنا الخداع والنفاق واللدد                          ونسلب الأموال ثم نعلن الافلاس

هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!

نبارك البغي ونستريح للعدوان                       ونزدري الحق ونستهين بالانسان

ولاترى عضوا لنا أطول من لسان                  تعطلت في جسمنا مراكز الاحساس

هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!

نفر من جلودنا نقلد الأعداء                           في قولهم في فعلهم في صنعة الأزياء

وندعي أنا بهذا نحسن البناء                          قد أصبحت قلاعنا بغير ما أساس

هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!

الناس في حرية ونحن في اسار                      والرعب في قلوبنا بالليل والنهار

قد أصبح الذل لنا الرداء والإزار                    نعيش في مجتمع تحصى لنا الأنفاس

هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!

عودوا إلى كتابكم يا أيها الجموع                   توبوا إلى الله وصلوا واسكبوا الدموع

بعد الضياع و العنا ما أجمل الرجوع                 وسنة الرسول يا قومي هي النبراس

لنا لخير أمة قد أخرجت للناس

 

  • وسؤال يخطر في البال، ونحن على هذه الحال من تخلف وهبوط، هل يصح لنا أن نوصف بأننا خير أمة؟. أقول: إن قول الله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ورد في معرض الثناء على أسلافنا الكرام، محمد ص و أصحابه، وكنتم تدل على الحال بمعنى أنتم، ولو كانت تدل على الماضي لتحول الثناء إلى هجاء.  وكان تستعمل للماضي والحاضر والمستقبل كما في قوله تعالى (وكان الله حكيما عليما).  وقد عللت الآية الكريمه ذلك بقوله تعالى (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).  ونحن اليوم في الغالب لا نأمر بالمعروف ولا نأتمر به ولا ننهي عن المنكر ولا ننتهي عنه، لكننا نؤمن بالله تعالى، وبالقرآن الكريم، والسنة الشريفة، وبالحساب والجزاء في الحياة الآخرة إيماناً لا يصدقه العمل.  عقيدتنا سليمة لكن عزيمتنا ضعيفة فهل تبقى لنا أفضلية؟.
  • أقول: نحن اليوم بقايا أمة، انقسم العرب فيها إلى 22 دولة، والمسلمون في العالم دول متفرقة، يحكمها أفراد متسلطون، بتفويض من أعدائنا، وحالنا دليل على أن الأمة الإسلاميه ليس لها وجود، ولا يجوز لنا في غيبتها أن نحملها خطايانا، وقد بقي لنا من مزاياها بقية.
  • نحن دعاة التوحيد في زمن الشرك والإلحاد وعبادة الذات، نؤمن بالعدالة حيث الحق للقوة، وفي منظمة الأمم المتحدة تحكم العالم خمس دول قوية، وعند اللزوم تحكمه دولة واحدة بحق النقض (الفيتو) لكل قرار يعارض مصالحها الخاصة. ونحن دعاة السلام بين دول تتسابق في صناعة الموت بأعداد القنابل الذرية والنووية، ومواد الهلاك الكيميائية و البيولوجية.  والعالم على أبواب حرب عالمية ثالثة، بعد حربين عالميتين خلال قرن من الزمن، وحياتنا رهن لقرار لأحد رجلين يحمل كل واحد منهما حقيبة سوداء، ليصدر منها في لحظة غضب، أمراً بفناء العالم.
  • في عالمنا اليوم أمم تتسابق في امتلاك الثروة تنتج أسباب الحياة حيناً، وتتلفها حيناً أخر كما يوافق مصالحها، وقد ألقيت محاصيل في البحر حين انخفضت الأسعار، في الوقت الذي قام بعض المسلمين بنثر الحبوب فوق الصقيع لإنقاذ الحيوانات من الموت. وما تزال في بعض البلاد الاسلامية، أوقاف لإطعام القطط.
  • نحن نؤمن بالمساواة حيث يتصاعد التمييز العنصري بحسب العرق واللون والدين، ويمارس التطهير العرقي في كثير من البلاد. ونؤمن بأن الأفضلية للتقوى في زمن تفوق ثروة لاعب الكرة ثروات مئات من العلماء المبدعين بما ينفع الناس.
  • نحن نمتلك مشروعا مجرباً لحضارة انسانية فاضلة أساسها كتاب الله وسنة رسول الله (ص) لا تمتلكه أمة معاصرة. مشروع جعل شعوبا كثيرة تحافظ على انتمائها للإسلام رغم زوال الحكم الاسلامي، وجعل كثيراً من المفكرين والعلماء يتسابقون إلى اعتناق الدين الاسلامي.  وذلك دليل على أفضلية نسبية ما نزال نمتلكها.
  • فمعذرة منك يا أمتنا من قصيدة بعثتها نظرة متعجلة إلى القسم الفارغ من الزجاجة، تصوبها اليوم نظرة متأنية إلى القسم الممتلئ. وليتنا نرقب الأحداث بنظرتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى